تُعد مشكلة حب الشباب من الاضطرابات الجلدية الشائعة، وهي حالة مزمنة تؤثر في الغدد الدهنية، وغالبًا ما تُصيب جميع الناس خلال مرحلة معينة من حياتهم، فهي تشيع في الفترة العمرية التي تتراوح بين 15 إلى 40 عامًا، ويميل عادةً إلى الانحسار تلقائيًا في سن الرشد، كما قد يؤثر حب الشباب سلبًا في نفسية المريض إلى جانب تسببه ببعض الندوب، لذا تتوفر العديد من الخيارات العلاجية للتخلص من حب الشباب، كالعلاجات الفموية، والموضعية،[1] فما هي اسباب حب الشباب؟ وما كيفية علاج حب الشباب؟
ما هو حب الشباب؟
يُعرف حب الشباب على أنه أحد الاضطرابات الجلدية الالتهابية المزمنة الناجمة عن عدد من الأسباب، أبرزها انسداد بصيلات الشعر والغدد الدهنية المصاحبة لها، كما قد تؤثر عدّة عوامل في ظهور حب الشباب بكثرة، مثل فرط إفراز الزهم واختلال تركيبته، بالإضافة إلى تكاثر بكتيريا البروبونية العدية (Cutibacterium acnes) التي تزيد من حب الشباب وتسبب التهابًا في البشرة، و تجدر الإشارة إلى أن حب الشباب غالبًا ما ينتشر على الوجه، والظهر، والصدر.[2][3]
أنواع حب الشباب
يظهر حب الشباب على عدة أشكال أو أنواع؛ حب الشباب غير الالتهابي (Comedones)، مثل الرؤوس البيضاء، والرؤوس السوداء، أو حب الشباب الالتهابي مثل الحطاطات (الحبوب الحمراء) (Papules)، والبثور التي تحتوي على الخرّاج (Pustules)، والعقيدات (تجمعات من الحبوب المؤلمة) (Nodules)، وحب الشباب التقرحي (Acne fulminans).[1][3]
أكثر الفئات المعرضة للإصابة بحب الشباب
يبلغ معدل انتشار حب الشباب حول العالم ما يقارب 9.4%، كما تتباين نسبة انتشار حب الشباب باختلاف البلدان والفئات العمرية، ولكنه يشيع أكثر بين المراهقين، وتحديدًا بين الذكور مقارنةً بالإناث، إذ تُشير التقديرات إلى أنّ ما نسبته %35 -100% من المراهقين معرضون للإصابة بحب الشباب في مرحلة مُعينة من حياتهم، وغالبًا ما يبدأ ظهور حب الشباب في بداية مرحلة البلوغ.[4][5]
عوامل ظهور حب الشباب
يظهر حب الشباب نتيجة انسداد المسام (فتحات صغيرة على سطح البشرة) في الجلد بسبب تراكم الزيوت التي تفرزها الغدد الدهنية، إذ بطبيعة الحال تحتوي المسامات على بصيلات شعر وغدد دهنية تُسهم في التخلص من خلايا الجلد الميتة أو القديمة والحفاظ على رطوبة البشرة من خلال إفراز الزيوت.[6]
يحدث انسداد المسام نتيجة عدة عوامل أبرزها؛ زيادة إنتاج الزيوت "الزهم" داخل بصيلات الشعر، بالإضافة إلى زيادة تكاثر الخلايا الكيراتينية (keratinocytes) في الجلد التي تتسبب بفرط إنتاج الكيراتين داخل المسام، وعرقلة عملية تجدد خلايا الجلد الطبيعية، مما يؤدي إلى تراكمها، وظهور بثور صغيرة مليئة بالدهون والكيراتين، أو تكوّن الرؤوس السوداء.[3][7]
يُتيح زيادة إفراز الزيوت الدهنية أيضًا التكاثر المفرط لبكتيريا البروبيونية العدية التي توجد طبيعيًا على سطح البشرة، مما يؤدي إلى التهاب بصيلات الشعر وظهور حب الشباب على هيئة بثور، أو حطاطات، أو حبوب حمراء مؤلمة.[7][8]
يتأثر ظهور حب الشباب بالعديد من العوامل الوراثية، والبيئية، والاضطرابات الهرمونية، وغيرها من الأسباب،[7] ويمكن بيانها:
- التغيرات الهرمونية، قد تؤدي بعض التغيرات الهرمونية إلى ظهور حب الشباب (حب الشباب الهرموني) من خلال زيادة إنتاج الدهون في البشرة، كما قد ترتبط بالتغيرات الهرمونية التي قد تحدث أثناء فترة البلوغ، أو الحيض، أو الحمل، أو عند تناول حبوب منع الحمل، أو التوتر، أو الإصابة بمتلازمة تكيس المبايض (Polycystic ovary syndrome).[6][8]
- استخدام بعض مستحضرات ومساحيق التجميل التي تحتوي على الزيوت، إذ تُسهم في تفاقم حب الشباب، ويمكن استبدالها بمستحضرات التجميل الخالية من الزيوت، والتي لا تسبب انسداد المسام.[8]
- التدليك أو الفرك المفرط للجلد المصاب بحب الشباب باستخدام بعض أنواع الغسولات أو الصابون، مما يضر بصحة البشرة والجلد ويفاقم حب الشباب.[8][9]
- تناول بعض الأدوية؛ مثل الليثيوم (Lithium)، وأدوية الكورتيزون أو الستيرويدات (Steroids)، أو مضادات الاختلاج.[9]
- التعرّض المفرط لأشعة الشمس.[9]
- النظام الغذائي، إذ أشارت العديد من الدراسات إلى أن الإفراط في تناول الحليب والأطعمة التي قد ترفع مستويات السكر في الدم قد ترتبط بظهور حب الشباب في مرحلة المراهقة.[9]
مضاعفات حب الشباب
يُرافق ظهور حب الشباب بعض الأعراض، مثل الألم الموضعي، والاحمرار، أو الشعور بالألم عند لمس الحبوب، وقد يُصاحب بعض أنواع حب الشباب الشديد (حب الشباب التقرحي) أعراضًا جسدية كالحمى، وآلام المفاصل، والتوعك العام، إضافةً إلى تأثُّر الجانب النفسي عند المريض، كما أنّ هناك فرصة لتكوّن أنواع مختلفة من الندوب الشديدة، إلى جانب حدوث فرط تصبغ في البشرة في حال تعرضت الحبوب إلى الالتهاب.[3][9]
علاج حب الشباب
يعتمد اختيار علاج حب الشباب الفعال على معرفة السبب المؤدي إلى ظهوره، إذ تتوفر العديد من الخيارات العلاجية، كالأدوية الموضعية، والمضادات الحيوية، والأدوية الهرمونية، وايزوتريتينوين الفموي (Isotretinoin)، بالإضافة إلى مجموعة من العلاجات الحديثة غير الدوائية.[7][9]
العلاجات الموضعية
تتوفر العديد من المستحضرات الموضعية لعلاج حب الشباب، إذ يختار الطبيب النوع المناسب وفقًا لعمر المريض، ومكان ظهور حب الشباب وشدته، وغالبًا ما تُستخدم العلاجات الموضعية على هيئة كريم أو دهون -لوشن- لدى أصحاب البشرة الجافة، بينما تُستعمل المستحضرات ذات القوام الهلامي (الجلّ) في علاج حب الشباب للبشرة الدهنية،[10] ومن أبرز العلاجات الموضعية:
- الرتينويدات (Retinoids)
هي مجموعة متنوعة من الكريمات المُشتقة من فيتامين أ، مثل تريتينوين (Tretinoin)، وأدابالين (Adapalene)، وتريفاروتين (Trifarotene)، وتازاروتين (Tazarotene)، وغالبًا ما تُستخدم لعلاج حب الشباب ذو الشدة الطفيفة والمتوسطة، وذلك من خلال تثبيط تكاثر الخلايا الكيراتينية، وبالتالي تقليل انسداد الجريبات ومنع تكوّن الزؤان، كما أنّها تتمتع بعوامل مضادة للالتهاب لذا هي فعالة في التخلّص من الزؤان، والبثور الالتهابية، والحطاطات.[10]
- البنزويل بيروكسيد (Benzoyl peroxide)
يُعد بنزويل بيروكسيد مضاد ميكروبي موضعي فعال، إذ بمقدوره قتل البكتيريا المسببة لحب الشباب، وكبح التهاب البشرة، بالإضافة إلى قدرته على تقشيرها ومنع تكون البثور، ويمكن استخدامه أيضًا إلى جانب المضادات الحيوية أو بعض أنواع الرتينويندات الموضعية لزيادة فعالية العلاج، ولكن لا ينصح باستعماله مع مستحضر تريتينوين بالتحديد، لأنه قد يفقده فعاليته، لذا يمكن استخدام بنزويل بيروكسيد صباحًا والتريتينوين مساءً.[9][10]
- المضادات الحيوية الموضعية
تُقلل المضادات الحيوية الموضعية من التهاب حب الشباب كما أنّها تتحكم في نمو بكتيريا حب الشباب، وتتضمن كلينداميسين (Clindamycin)، وسلفاسيتاميد (Sulfacetamide)، ومينوسيكلين (Minocycline)، ودابسون (Dapsone) وإريثرومايسين (Erythromycin).[8]
- حمض الأزيليك (Azelaic acid)
يتمتع حمض الأزيليك بخصائص مضادة للبكتيريا، والالتهاب، وقد ثبتت فعالية استخدامه من خلال العديد من الدراسات السريرية، والتي أظهرت إحداها انخفاضًا بنسبة 60% من مجمل حبوب الشباب لدى استعمال المشاركين في الدراسة جل حمض الأزيليك بتركيز 20% مرتين يوميًا لمدة 45 يوم.[5]
العلاجات الفموية
تتضمن العلاجات الجهازية لحب الشباب المضادات الحيوية الفموية، والعلاجات الهرمونية الفموية، وأيزوتريتينوين الفموي، وغالبًا ما يُستخدم أحد هذه العلاجات إلى جانب دواء حب الشباب الموضعي.[9]
- المضادات الحيوية الفموية
تُسهم في تثبيط نمو البكتيريا المُسيية لحب الشباب، ومن الأمثلة عليها دوكسيسلين (Doxycycline)، ومينوسيكلين (Minocycline)، ساريسيكلين (Sarecycline).[8]
- أيزوتريتينوين الفموي
هو أحد أنجع أنواع الريتونيدات وأكثرها فعالية في علاج حب الشباب الشديد، خصوصًا حب الشباب العقيدي المقاوم لأدوية أخرى والذي قد يترك ندوبًا في البشرة، إذ بمقدوره علاج أو تحسين مظهر حب الشباب لدى معظم المرضى، وعلى الرغم من فعاليته فإنه يسبب أعراضًا جانبية قد تكون شديدة وخطيرة أحيانًا، إضافةً إلى خطورة تناوله خلال الحمل كونه يؤدي إلى حدوث تشوهات تكوينية في الجنين أو الإجهاض.[8][9]
- موانع الحمل الفموية
يُعد العلاج الهرموني من الخيارات العلاجية المناسبة للإناث ممن يُعانين من حب الشباب الشديد بعد سن البلوغ، أو اللواتي يعانين من حب الشباب الطفيف ويبحثنَ عن وسيلة لمنع الحمل، كذلك النساء اللاتي يُعانين من حب الشباب المرتبط بفرط الأندروجينات، إذ تُقلل موانع الحمل الهرمونية (مثل أندروكيور (Androcur)، وديان (Diane)) وسبيرونولاكتون (Spironolactone) -مضاد للأندروجين- من تأثير الأندروجينات في الخلايا الشعرية الدهنية، ما يُقلل إنتاج الزهم، ويُخفف من أعراض حب الشباب.[9]
طرق أخرى لعلاج حب الشباب
تتوفر العديد من الطرق الحديثة لعلاج حب الشباب لبعض الفئات التي قد تعاني من آثار جانبية للأدوية المستخدمة في علاج حب الشباب، أو للمرضى الذين لا يستطيعون الالتزام بالعلاج الدوائي،[7] ومن أبرزها:
- العلاج بالليزر، مثل ليزر (Nd:YAG) الذي أثبت فعاليته في تقليل الحبوب، وكمية الزهم التي تفرزها، بالإضافة إلى التخفيف من التهاب البشرة.[7]
- العلاج بالضوء (Light therapy)، كالضوء الأحمر الذي يسرّع التئام الجروح، ويقلل من التهاب البشرة، ويساعد في تجدد خلاياها، والضوء الأزرق الذي يُسهم في القضاء على البكتيريا المُسببة لحب الشباب.[7]
- التقشير الكيميائي (Chemical peels)، وهو من أكثر الإجراءات التجميلية شيوعًا، إذ يمكن من خلاله تحفيز تجدد خلايا البشرة مما يحسن ملمسها ومظهرها، ويُعد حمض الساليسليك، وحمض الجليكوليك (Glycolic acid) من أشهر الأمثلة على المواد المستعملة للتقشير.[11]
- تنظيف البشرة باستخدام جهاز الهيدرافيشل (HydraFacial)، وهو جهاز يستخدم تقنية التقشير المائي بالإضافة إلى مواد فعالة لتنظيف وتقشير سطح البشرة للتخلص من الزهم، وتنظيف المسام من الداخل، وإزالة الخلايا الميتة والزيوت التي يسبب تراكمها ظهور حب الشباب.[12]
طرق الوقاية من حب الشباب
يمكن الوقاية من ظهور حب الشباب بتجنب تكرار لمس الوجه باليدين، والابتعاد عن استخدام مستحضرات التجميل التي تحتوي على زيوت، والحرص على إزالتها قبل النوم، إضافةً إلى تجنب ارتداء القبعات الضيقة أو عصابات الرأس.[6]
توصيات للتخلص من حب الشباب
يوصى باتباع بعض التعليمات الهامة للعناية بالبشرة المصابة بحب الشباب، بدءًا من الحفاظ على نظافة البشرة، وذلك بغسل الوجه مرتين يوميًا بلطف باستخدام غسول الوجه الخالي من الصابون وشطفه بالماء الدافئ، ثم تجفيف الوجه بلطف دون فركه، يليه استخدام كريم ترطيب مناسب خالي من المواد التي تسد المسام، بالإضافة إلى الحرص على عدم تعريض البشرة لأشعة الشمس واستخدام واقي الشمس المناسب الخالي من الزيوت، بعامل حماية لا يقل عن 30 (SPF 30) لتقليل تلف البشرة الناتج عن التعرض للشمس.[8][10]
كما يوصي الأطباء بتجنب الضغط على البثور ومحاولة إفراغ محتوياتها لأن ذلك يزيد من شدة التهابها وانتشارها، بالإضافة إلى الابتعاد عن استخدام الخلطات المنزلية أو الطرق الشعبية لعلاج حب الشباب، إذ إنها لا تجدي نفعًا.
الأسئلة الشائعة
- هل علاج حب الشباب آمن للحوامل؟
إن مجمل علاجات حب الشباب غير آمنة للحامل، لذا لا بدّ من التوقف عن استعمال جميع علاجات حب الشباب في فترة الحمل أو عند الرغبة في الإنجاب، ويجب استشارة الطبيب في حال كان العلاج ضروريًا.[8]
- هل يمكن القضاء على حب الشباب بسرعة؟
غالبًا ما يكون علاج حب الشباب طويل الأمد، وقد يمتد من شهرين إلى ستة أشهر على الأقل، فمثلًا، يحتاج الحصول على نتائج مرضية بعد تناول حبوب منع الحمل والأدوية الهرمونية ما يزيد عن 3 إلى 6 أشهر.
- متى يختفي حب الشباب من الوجه؟
قد يستغرق علاج حب الشباب 8 أسابيع على الأقل، كما يُنصح باستخدام العلاج لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر على الأقل قبل تحديد مدى فعالية العلاج.[8]
- على ماذا تدل كثرة الحبوب في الوجه؟
تكثر الحبوب على الوجه نتيجة مجموعة من العوامل، كزيادة إفراز الزهم، وتراكم الخلايا الميتة في المسام، وتكاثر البكتيريا المسببة لحب الشباب على سطح البشرة، وتُسهم بعض العوامل الأخرى كالتغيرات الهرمونية، والبيئية، والتوتر والضغط النفسي، والاستعداد الجيني في تفاقم مشكلة حب الشباب.[7]
- ما هي أضرار العبث بحب الشباب؟
يؤدي العبث بحب الشباب إلى تفاقم الحبوب والتهابها، وتورم الجلد، وظهور الندب.[8]
- ما هو السبب الرئيسي لظهور حب الشباب؟
يُعد زيادة إنتاج الزيوت داخل بصيلات الشعر السبب الرئيسي لظهور حب الشباب، إلى جانب فرط إنتاج الكيراتين الذي يؤدي إلى تراكم خلايا الجلد الطبيعية وعرقلة عملية تجدد الخلايا الجلدية الطبيعية، وبالتالي ظهور حب الشباب.[3][7]
- كم من الوقت يستغرق حب الشباب ليختفي؟
يستغرق علاج حب الشباب فترة لا تقل عن ستة أشهر، خصوصًا عند استعمال دواء أيزوتريتينوين الفموي.