تُصنف السبيرولينا (Spirulina) على أنها من العوالق الطحلبية ذات اللون الأخضر المُزرق، وتمثل واحدة من أقدم أشكال الحياة التي وُجدت في مياه البحيرات البركانية الدافئة والقاعدية منذ نحو 3.5 مليارعام، وتتمتع خلية السبيرولينا بشكل لولبي يشبه شكل الخلايا بدائية النوى البسيطة (Simple prokaryote(، ويعد النوعان (Spirulina platensis) و(Spirulina Maxima) أكثر الأنواع استخدامًا في صناعة مكملات السبيرولينا الغذائية، والتي درج تداولها لما تمنحه للجسم من فوائد مذهلة.[1]
ما هي السبيرولينا؟
عرف البشر السبيرولينا منذ زمن بعيد واستخدموها كنوع من الأطعمة، وتشير الأدلة التاريخية إلى أنّ الحضارة الأزيدية (Aztec civilisation) استخدمت السبيرولينا،[2] وتنحدر السبيرولينا من جنس البكتيريا الزرقاء (Cyanobacteria genus) التي تطورت لديها القدرة على الاستفادة من ثاني أوكسيد الكربون الذائب في المياه كمصدر غذائي يساعدها على التكاثر، وبمقدور السبيرولينا العيش في المياه الحلوة والمالحة على حد سواء، كما يمكن زراعة السبيرولينا وفق أنظمة عديدة، وتُعد المجاري المائية أبرز التقنيات المستخدمة في زراعة السبيرولينا، وعادةً ما تتخذ هذه المجاري شكلًا مستطيلًا له زوايا دائرية، كما تُجرى زراعة السبيرولينا ضمن ما يُعرف بالمفاعلات الحيوية الضوئية (Photobioreactors) وهي عبارة عن أنظمة زراعية مغلقة توفر الحماية للسبيرولينا من أي ملوثات خارجية، كما أنها تسهل ضبط بعض المؤشرات التي تُحيط بزراعة السبيرولينا، كالرقم الهيدروجيني (pH)، ودرجات الحرارة، والإضاءة.[1]
يستهلك الملايين من البشر نبات السبيرولينا، إذ يُقدر إنتاج العالم السنوي من (S.platensis) المزروعة لأغراض الاستهلاك البشري بما يربو عن الألف طن متري، وتتصدر الولايات المتحدة الأمريكية القائمة في إنتاج السبيرولينا، تليها تايلاند، فالهند، فاليابان والصين.[1]
حبوب السبيرولينا (مُكملات السبيرولينا)
ذاع صيت السبيرولينا بوصفها غذاءً خارقًا، فهي لا تحتوي على كمية مركزة من العناصر الغذائية فحسب، بل يُنظر إليها على أنها أكثر مصدر غذائي كامل ومُركّز يوجد في الطبيعة،[3] وقد أدركت الكثير من الشركات العالمية القيمتين الغذائية والطبية للسبيرولينا، فعكفت على تسويقها ضمن علامات تجارية عديدة على هيئة حبوب أو مسحوق، لأغراض إنقاص الوزن، والحفاظ على اللياقة، وبناء الأجسام، وغيرها،[1]
تُصنع السبيرولينا في العديد من دول آسيا للاستهلاك البشري بوصفها مُكملًا بروتينيًا، فعلاوةً على فوائدها الواسعة فإنّ مُكملات السبيرولينا ذات كلفة زهيدة في ذات الوقت، وقد اقترحت وكالة الفضاء الأوروبية والطيران الوطني (European Space Agency and National Aeronautics) استخدام مُكملات السبيرولينا خلال رحلات الفضاء الطويلة.[4]
يعتمد محتوى مُكملات السبيرولينا من العناصر الغذائية على منطقة زراعتها والبيئة التي أحاطت بنموها، كما تؤثر عمليات حصاد السبيرولينا في محتواها من الفيتامينات ومضادات الأكسدة، ويُمكن زيادة أو إنقاص نسب بعض مكونات مكملات السبيرولينا حسب الرغبة وذلك من خلال ضبط الظروف الزراعية خلال نموها.[1]
مكونات السبيرولينا
تتكون السبيرولينا بنسبة 60% من البروتين الكامل الذي يتمتع بقابلية هضم عالية، وهي تحتوي على جميع الأحماض الأمينية الأساسية، كما تتمتع السبيرولينا بوفرة من مركبات البيتا كاروتين (Beta-carotene) تفوق أي غذاء كامل آخر، وهي أفضل مصدر غذائي كامل لحمض الجاما لينولينك (Gamma Linoleic acid)،[3] كما أنها غنية بالأحماض الفينولية (Phenolic acids)، وبمركبات التوكوفيرول (Tocopherols)، وفي ذات الوقت تخلو جدران خلايا السبيرولينا من مركب السليولوز، الأمرالذي يجعلها سهلة الهضم.[2] وهي تخلو أيضًا من السكريات الحرة مما يجعلها غذاءً مُناسبًا لمرضى السكري.[4]
تحتوي السبيرولينا على خلطة ثرية من الفيتامينات، كفيتامين A, B1,B2,B6,B12, E، وهي توفر نسبة تُقدر ب21% من احتياجات الجسم الموصى بها من كل من الثيامين (Thiamin) والرايبوفلافين (Riboflavin)، كما أنها ذات محتوى وفير بعدد من المعادن التي يُشكل الحديد أبرزها، إذ يحتوي كل 100 غرام من مسحوق السبيرولينا على 700 مغ من الكالسيوم، وعلى 1.2 من النحاس، وعلى 100 مغ من الحديد، وعلى 400 مغ من المغنيسيوم، و1400 مغ من البوتاسيوم، و900 مغ من الصوديوم، و3 مغ من الزنك، و800 مغ من الفوسفور.[4]
ما هي فوائد حبوب السبيرولينا؟
تتميز السبيرولينا بنوعيها الدارجين (Spirulina Platensis) و(S. Maxima) بأنّ لها الكثير من الفوائد العلاجية التي جعلت منها موضوعًا ساخنًا لدى العديد من الباحثين الذين سعوا إلى دراسة ماذا يحدث للجسم عند تناول سبيرولينا،[5] ومن فوائد السبيرولينا التي سوغت تصنيعها كحبوب مفيدة:
- فوائد السبيرولينا للبشرة: ضمن البحث عن فوائد سيبرولينا للوجه، لوحظ أنّ السبيرولينا تُخلص الجسم من الجذور الحرة الضارة، وتؤخر ظهور علامات الشيخوخة والتجاعيد، كما أشارت دراسة حديثة اُجريت سنة 2019 إلى أنّ السبيرولينا تزيد من نسبة عوامل النمو في الخلايا الليفية الجلدية (Dermal fibroblast cell) مما قد يؤدي إلى شد البشرة، غير أنّ هناك حاجة للمزيد من البحث لإثبات هذه النتائج.[5]
- فوائد حبوب سبيرولينا لتخفيف الوزن: تُعد ممارسة الرياضة وتحديد كميات السعرات الحرارية المتناولة الطريقتين الأمثل لإنقاص الوزن، وقد لوحظ في بحث نُشر سنة 2017، أنّ استهلاك 1 غم من السبيرولينا لمدة 12 أسبوعًا، أدى إلى التقليل من كلٍ من الشهية، والوزن، ومؤشر كتلة الجسم.[5]
- فوائد سبيرولينا للأعصاب: أظهرت (Spirulina maxim) نشاطًا مُحافظًا على سلامة الأعصاب في تجربة أُجريت على عدد من جرذان التجارب المُصابة بتسمم عصبي بمادة 6-هيدروكسي دوبامين.[4]
- فوائد سبيرولينا للمرأة: كشفت بعض الأبحاث المخبرية أنّ مستخلصات الكلوروفورم لبعض أنواع السبيرولينا لها القدرة على تثبيط نمو خلايا الثدي السرطانية.[4]
- فوائد سبيرولينا للرجال والنساء من كبار السن: تُحسّن السبيرولينا كل من مستويات الدهون والمتغيرات المناعية لدى كبار السن من الرجال والنساء.[3]
- فوائد السبيرولينا في علاج بعض أنواع التسمم: ضمن البحث عن متى يجب تناول سبيرولينا، ومتى تظهر نتائج سبيرولينا بعد تناولها لعلاج التسمم بالزرنيخ، أظهرت تجربة أُجريت على 41 مريض مصاب بتسمم مُزمن بالزرنيخ، أنّ تناول مُستخلصات السبيرولينا بتركيز 250 مغ مضافًا إليها 2 من الزنك مرتين يوميًا لمدة 16 أسبوعًا كان فعّالًا في علاج بعض الأعراض الناتجة عن هذا التسمم، كالتغيرات الجلدية وغيرها.[2]
- فوائد سبيرولينا للمفاصل: يُعتقد بأنّ محتوى السبيرولينا من حمض الجاما لينولينك له دور في علاج بعض الأمراض كالتهاب المفاصل.[1]
أضرار سبيرولينا واستخداماتها
يُمكن الاستفادة من السبيرولينا كإضافة صحية للعديد من المُنتجات الغذائية، ويُعد البسكويت (Cookies) أحد هذه المنتجات، إذ يمكن خلطه بالسبيرولينا، لا سيما أنه من المنتجات التي يسهل نقلها وتتمتع بدرجة صلاحية طويلة نسبيًا، كما يُمكن إثراء بعض مُنتجات الألبان كالبوظة والجبنة الطرية بالسبيرولينا، وقد وجد الباحثون في دراسة نُشرت سنة 2016 ميلادي أنّ إضافة السبيرولينا للجبن له تأثير واضح على قوامها، وعلى محتواها من الماء، والبروتين، والدهون.[4]
أما أضرار السبيرولينا فقد لوحظ منذ القدم أن السبيرولينا آمنة للاستخدام، وقد دعمت الأبحاث العلمية التي أُجريت على بعض حيوانات التجارب كالجرذان هذا الاعتقاد، فلم تظهر عليها أي مؤشرات تدل على حصول تشوهات تكوينية بعد تناول السبيرولينا في الدراسات المخبرية التي تناولت مدى سلامة استخدامها للحامل والجنين.[5]