القربية القولونية (Balantioides coli) المعروفة سابقًا باسم بلانتيديوم كولاي (Balantidium coli) هي كائن طفيلي أولي ينتقل من الحيوانات إلى الإنسان، ويَنتج عنه مرضٌ يُعرف باسم داء القربيات (Balantidiasis)، ويتسم هذا المرض بانتشاره الواسع وارتفاع معدل الإصابة به، خصوصًا في المناطق الاستوائية والمعتدلة.[1][2]
تُعد القربية القولونية الكائن الوحيد من فئة ذوات الأهداب (Ciliates) الذي يُصيب الإنسان، ويُمثِّل حيوان الخنزير المصدر الرئيسي (العائل) لهذا الطفيلي، إلى جانب بعض الحيوانات الأخرى التي قد تنقل العدوى إلى الإنسان، كالأبقار، والحمير، والأغنام، والماعز.[1]
ما هي القربية القولونية؟
تُصيب عدوى القربية القولونية عادةً الإنسان، وبعض الثدييات الأخرى وخصوصًا الخنازير، بالإضافة إلى بعض الطيور، مثل النعام، ويعيش هذا الطفيلي في الجهاز الهضمي للكائن المصاب (المضيف)، وقد لا يُسبب أي أعراض في بعض الحالات، بينما قد يؤدي في حالات أخرى إلى اضطرابات معوية، والتهابات في القولون مما قد يُشكل خطرًا على الحياة.[1]
القربية القولونية دورة حياة مباشرة، إذ تنتقل عن طريق مسار البراز-الفم، ما يعني أنّ العدوى قد تَحدث بسهولة بالطعام أو الماء الملوثين، كما إنّ وجود أنواع متعددة من الحيوانات التي تحمل العدوى يزيد من احتمال انتقالها من الحيوان إلى الإنسان،[1] وتتكون دورة حياة القربية القولونية من مرحلتين رئيسيتين:[1][3]
- الطور النشط (التروفوزويت) (Trophozoite): من الطفيلي، يتصف بحجمه الكبير، إذ قد يصل طوله إلى 150 ميكرومتر، وسطحه مُغطى تمامًا بالأهداب، ويحتوي على فتحة تُشبه الفم تُسمى الفم الخلوي، ويعيش في الأمعاء الغليظة للمضيف ويتغذى على البكتيريا وجزيئات الطعام، ويتكاثر التروفوزويت عن طريق الانقسام العرضي اللاجنسي، وقد يتكاثر جنسيًا أيضًا.
- الأكياس (Cysts): هو الطور أو الشكل الخامل، أو غير المتكاثر والمقاوم المسؤول عن نقل العدوى، ويتسم بشكله الكروي أو شبه الكروي، ويبلغ قطره حوالي 50 ميكرومتر، ويتكون في القولون، ويُطرح مع البراز إلى البيئة الخارجية، وقد يُلتقط من مضيف آخر.
ما سبب الإصابة بالقربية القولونية؟
السبب الرئيسي للإصابة بداء القِربيات هو انتقال الطفيلي عبر الطريق البرازي-الفموي، بشرب ماء أو تناول طعام ملوث بالأكياس التي تحتوي على الطفيلي، إذ تُعد هذه المرحلة من مراحل تطور الطفيلي الأكثر تسببًا بالعدوى، وتستطيع البقاء على قيد الحياة في البيئات الرطبة لفترة طويلة،[1] وبَعد أن تتشكل الكيسات في الأمعاء يبدأ الطفيلي في التحرك وتدمير الأنسجة المعوية، مسببًا التقرحات، كما يُنتج الطفيلي مادة تُسمى هايلورونيداز (Hyaluronidase)، تُسهم في تكسير الأنسجة المعوية وتُسهِّل اختراق الغشاء المخاطي، مما يؤدي إلى إسهال دموي.[4]
كما تتعدد العوامل الرئيسية التي تُسهم في انتقال عدوى القربية القولونية وانتشارها:[1][2]
- مخالطة الخنازير.
- عدم وجود أو غياب البنية التحتية الأساسية للصرف الصحي، ومياه الشرب.
- العيش في بيئات غير صحية أو ملوثة.
- عدم الحفاظ على النظافة الشخصية.
- الحالة الصحية العامة، مثل الإصابة بأمراض تؤدي إلى ضعف المناعة كالإيدز، أو الأمراض المزمنة.
- اختلال توازن البكتيريا في الأمعاء.
- سوء التغذية.
- شرب الكحول.
- التغيرات المناخية، إذ تكون العدوى أكثر انتشارًا في المناطق الحارة والرطبة.
أعراض القربية القولونية
تختلف الأعراض التي قد تُسببها عدوى القربية القولونية،[1] وتُصنَّف إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
- النوع غير العرضي (Asymptomatic): لا تَظهر أي أعراض على المصاب.[1][2]
- النوع المزمن (Chronic): يَنتج عنه التهاب في القولون مع إسهال، وآلام في البطن، وغالبًا ما يُصاحبه غثيان وقيء.[1][2]
- النوع الإسهالي الحاد (Dysenteric) أو الزحار البلانتيدي: يَحدث عند اختراق طفيلي القربية القولونية لجدار الأمعاء، مما يؤدي إلى التهاب شديد، ويُسبب إسهالًا دمويًا ومائيًا، مع فقدان الشهية، وحمى، وآلام طفيفة في البطن، وقد يُهدِّد الحياة في بعض الحالات.[1][4]
الجدير بالذكر أنّ داء القربية القولونية قد يؤدي إلى انخفاض كبير في عدد خلايا الدم الحمراء، والهيموجلوبين، مع زيادة في نسبة حجم الدم المكوَّن من خلايا الدم الحمراء (Hematocrit)، وهذا نتيجة إصابة الأمعاء، والنزيف الشديد الناتج عن الإسهال الدموي.[4]
كيفية تشخيص القربية القولونية
تُشخَّص عدوى القربية القولونية باستخدام عدة فحوصات واختبارات تشخيصية،[1]ومن أبرز طرق تشخيص القربية القولونية:[1][4]
- الفحص المجهري بالمسحات الرطبة (Wet mount microscopy): يُستخدم لفحص البراز تحت المجهر لرؤية التروفوزويتات والأكياس.
- مسحات مصبوغة بمحلول اليود لوجول (Lugol’s iodine stained smears): تُستخدم صبغة اليود لتمييز التروفوزويتات بوضوح، إذ يمكن التعرُّف على النواة الكبرى للطفيل ذات الشكل المستطيل التي تشبه حبة الفاصولياء.
- الشرائح المثبتة الملونة باستخدام الصبغات (Permanent slides stained): مثل صبغة جيمسا (Giemsa).
- الفحص الكيميائي للدم: يتضمن تحليل مستويات اليوريا، والكرياتينين، وبعض الإنزيمات.
هل يمكن علاج القربية القولونية؟
يمكن علاج القربية القولونية باستخدام مجموعة من الأدوية المضادة للطفيليات،[1] ومن أبرز العلاجات الدوائية التي تُسهم في علاج داء القربية القولونية:[1][4]
- تتراسيكلين (Tetracycline).
- يودوكينول (Iodoquinol).
- مركبات 5-نيتروإيميدازول (5-Nitroimidazole compounds)، مثل ميترونيدازول (Metronidazole)، وسيكنيدازول (Secnidazole).
ما مضاعفات القربية القولونية؟
إذا لم تُعالج عدوى القربية القولونية في الوقت المناسب فقد تؤدي إلى مجموعة من المضاعفات الصحية الخطيرة،[5] ومن أبرز المضاعفات المترتبة على داء البلانتيديات:[5][3]
- ثقب في الأمعاء الغليظة.
- التهاب الغشاء البطني.
- التهاب الزائدة الدودية.
- العدوى البولية.
هل يمكن الوقاية من القربية القولونية؟
يمكن الوقاية من داء البلانتيديات باتباع مجموعة من الإرشادات وطرق الوقاية،[1] ومن أبرز طرق الوقاية من عدوى القربية القولونية:[1][6]
- استخدام مياه معقّمة للشرب ولأغراض أخرى.
- تحسين شبكة المياه.
- التخلص السليم من مياه الصرف الصحي وفضلات الحيوانات.
- إجراء فحوصات دورية في المزارع للحد من انتشار العدوى.
- تجنب استهلاك المياه أو الطعام المُلوَّث.
- التأكد من طهي الأطعمة جيدًا.
أسئلة شائعة
- ما هو طفيلي Balantidium coli؟
طفيلي (Balantidium coli)، الذي يُعرف حاليًا باسم القربية القولونية، هو الكائن الوحيد من فئة ذوات الأهداب القادر على التسبب بعدوى للإنسان، ويعيش هذا الطفيلي في الأمعاء الغليظة، ويؤدي إلى الإصابة بمرض داء القربيات، وتَحدث العدوى عادةً عن طريق البرازي-الفموي من خلال تناول طعام أو شرب ماء ملوث.[1]
- ما هو المرض الذي يسببه البلانتيديوم؟
المرض الذي يُسببه البلانتيديوم هو داء القربيات، وهو مرض ينشأ عادةً في القولون، وقد لا يُصاحبه أي أعراض في معظم الحالات، ولكن في بعض الحالات قد تَظهر الأعراض، خصوصًا لدى الأشخاص الذين يعانون من ضعف في المناعة.[6]